أحدثكم اليوم عن درس مهم جدا من دروس اصول الفقه
التى تليقتها .. فى احدى المحاضرات .. عند دراستى بالجامعة
الا وهو
الاجتهاد وأركانه وشروطه
معنى .. الاجتهاد .. فى اللغة
الاجتهاد فى اللغة .. بذل الوسع واستفراغ الجهد أو الطاقة للوصول الى أمر من الامور ..
معنى .. الاجتهاد .. فى الاصطلاح الفقهى
عرف بعض الأصوليون الاجتهاد بأته استفراغ الوسع فى النظر .. فيما لا يلحقو فيه لوم من استفراغ الوسع فيه ..
وعرفه بعضهم .. بأنه بذل الوسع فى نيل حكم شرعى .. عملى .. بطريق
الاستنباط ... وعرفه الآمدى بأنه .. استفراغ الوسع فى طلب الظن .. بشئ من الاحكام الشرعية على وجه يحس من النفس .. العجزر عن المزيد ..
ومعنى استفراغ الوسع بذل الجهد .. مع شحذ الذهن .. لدرجة أن يحس المجتهد من نفسه .. العجز
عن المزيد من بذل الجهد ... والا كان مقصرا فى اجتهاده ..
أما عن أركان (( الاجتهاد ))
تظهر التعارف المتقدمة للاجتهاد ان له .. ركنين ..
الاول وهو المجتهد
والثانى وهو المجتهد فيه
ويرى الامام الغزالى .. رحمه الله تعالى .. ان أركان الاجتهاد ثلاثة ..
الاول .. المجتهد
الثانى .. المجتهد فيه
الثالث .. نفس الاجتهاد .. الذى هو بذل الوسع واستفراغ الجهد للوصول .. الى ظن بحكم شرعى الى آخر .. ما تقدم فى تعريف الاجتهاد .. فى الاصطلاح الفقهى
ويلاحظ على هذا ان الامام الغزالى .. جعل نفس الاجتهاد ركنا فيه .. وجعل الشئ ركنا فيه غير سائغ ..
ولهذا فأنى سأقتصر فى الكلام عن اركان الاجتهاد فى .. المجتهد فيه والمجتهد ..
والمجتهد .. هو المستفرغ لوسعه .. لتحصيل ظن بحكم شرعى لمسألة .. لم يرد فيها نص .. ولا اجماع بحكمها
أما عن المجتهد فيه
هو الحكم الشرعى العملى .. الذى ليس فيه دليل قطعى ... وتقييد الحكم الشرعى بكونه شرعيا
يخرج الاحكام العقلية .. ومسائل الكلام .. فهذه المسائل وتلك الاحكام .. التى لا يدخلها .. الاجتهاد . لأن الحق فيها واحد .. والمصيب واحد .. والمخطئ آآآثم .. والمجتهد فيه ما لا يكون المخطئ فيه آثما .. وانما يكون مأجورا
وتقييد الحكم الشرعى .. بكونه ليس فيه دليل قطعى .. يخرج وجوب الصلوات الخمس .. والزكاوات والصوم المفروض وما اتفقت عليه الأمة .. من جليات الشرع .. اذ هذه مخرجات فيها أدلة قطعية .. يأثم فيها المخالف
وعليه فأنها ليست محلا للاجتهاد
أهلية الاجتهاد
أهلية الاجتهاد .. التى بمقتضاها يجوز للشخص أن يبحث عن حكم المسائل ... او يستفرغ الوسع للحصول على
ظن بحكم الوقائع .. التى لم يرد نص ولا اجماع .. بحكمها لا تتحقق فيه .. او لا تثبت له .. الا اذا كان بالغا عاقلا
عنده ملكة .. يقتدر بها على استخراج الأحكام من مداركها .. او مآخذها التى هى .. الكتاب والسنة ..والاجماع والقياس
مع التمكن من استثارة الظن بالنظر .. فى هذه المدارك .. وتقديم ما يجب تقديمه
وتأخير ما يتعين تأخيره منها .. وهذا لا يتحقق للفقيه الا بتوافر الشروط الآتية ..
الشرط الأول .. الايمان
وهذا الشرط يتحقق بمعرفة الله تعالى .. وصفاته .. وتصديق النبى صلى الله عليه وآله وسلم .. بمعجزاته
فيما جاء به من عند الله ... وسائر ما يتوقف عليه ذلك .. ولو بالادلة الاجمالية دون التدقيقات التفصيلية ..
الشرط الثانى .. ان يكون عالما بكتاب الله تعالى
فكتاب الله تعالى هو المصدر .. او المدرك الأول للاحكام الشرعية .. وهو الاصل فى هذا
ولابد من معرفته .. فمن قصر فى هذا فلا يجوز له الاجتهاد
الشرط الثالث .. أن يكون عالما بنصوص السنة النبوية المطهرة
والسنة النبوية المطهرة .. هى المصدر او المدرك الثانى .. للاحكام الشرعية العملية .. بعد كتاب الله تعالى
لذا يشترط فى الشخص حتى يحق له التصدى للاجتهاد .. او يحوز منصبه .. ان يكون على معرفة تامة بنصوص هذه
السنة .. فان قصر فى هذه المعرفة لم يكن اهلا للاجتهاد .. ولا يجوز له التصدى
وقد اتفق علماء الاصول على انه يشترط فيه .. معرفة الاحاديث المتعلقة بالاحكام الشرعية مهما كثر عددها
لأنها لو كانت تزيد على ألووووف .. فهى محصورة
واما الاحاديث التى لا تتعلق بالاحكام الفقهية .. كالمواعظ والنصائح .. وأحكام الآخرة وما فيها
فلا يشترط معرفته لها
وكذلك اتفق علماء الاصول على انه .. لا يشترط حفظه لأحاديث الأحكام هذه .. ويكفيه فى معرف مواقع الاحاديث
فى الابواب الخاصة بها .. حتى يمكنه مراجعتها بيسر وقت الحاجة اليها ..
وقد قدر بعض علماء الاصول عدد الاحاديث .. التى تكفى المجتهد فى اجتهاده بخمسمائة حديث .. ولكن هذا ضعيف
لأن الاحاديث .. التى تستنبط منها الاحكام الفقهية اكثر من هذه بكثيييييير ..
ونقل عن ابن العربى .. رحمه الله تعالى .. انها ثلاثة آلاف حديث .. وقال ابو الضرير .. قلت لأحمد ابن حنبل
كم يكفى الرجل من الأحاديث حتى يمكنه أن يفتى ؟؟ يكفيه مائة الف ؟؟ قال .. لا
قلت ثلاثمائة ألف .. قال .. لا
قلت خمسائة الف .. قال .. أرجو
الشرط الرابع .. أن يكون عارفا بالاجماع
والاجماع .. هو المصدر .. او المدرك الثالث للاحكام الشرعية .. وقد اتفقت جماهير علماء الاصول
على أن أهلية الاجتهاد او الفتيا .. لا تتحقق للشخص الا اذا كان عالما بالمسائل او المواضع .. التى حصل فيها اجماع
العلماء على حكمها .. وذلك حتى لا يفتى بخلاف الاجماع .. كما يلزمه معرفة النصوص .. حتى لا يفتى بخلافها
ولا يلزم لمن يريد التصدى للاجتهاد أو الفتوى .. ان يحفظ جميع مواقع او مسائل .. الاجماع والخلاف
والذى يلزمه هو ان يعلم أن كل مسألة يجتهد فيها او يفتى .. ليس مخالفا .. فى هذا الاجتهاد .. الاجماع
وذلك اما عن طريق علمه بموافقته ... مذهبا .. من مذاهب العلماء ايهم كان .. واما بعلمه ان هذه الواقعة او المسألة
مستحدثة فى عصره .. لم يكن لأهل الاجماع فيها .. بحث او غموض ..
الشرط الخامس .. ان يكون عارفا بالقياس
والقياس .. هو المصدر الرابع من مصادر الاحكام الفقهية .. والقياس .. هو جوهر الاجتهاد
وأصل الرأى
الشرط السادس .. ان يكون عالما بأصول الفقه
يشترط فى الشخص حتى يحوز منص ب .. الاجتهاد .. أن يكون عالما بأصول الفقه .. لاشتمال هذا العلم
على ما هو أشد الحاجة اليه .. عند استنباطه لأحكام المسائل التى لا حكم فيها .. بنص او اجماع
فعلى المجتهد
أن يدقق النظر فى مسائل هذا العلم .. حتى يصل الى الحق فيها .. ويتحقق له ذلك بالاطلاع
فاذا فعل ذلك .. تمكن من رد الفروع الى اصولها بأيسر عمل .. واذا قصر بالاطلاع على هذا العلم .. صعب عليه هذا
الرد .. وخبط فيه .. وخلط .. وهذا بحرام
الشرط السابع .. ان يكون عالما بطرقة نصب الادلة
اى ان يكون المجتهد .. على معرفة تامة .. بكيفية النظر عن طريق
معرفة شرائط البراهين او الادلة .. وكيفية تركيب المقدمات تركيبا صحيحا .. حتى تكون منتجة للمطلوب
والحاجة الى هذا الشرط تعم المصادر الاربعة .. اى القرآن والسنة والاجماع والقياس
الشرط الثامن .. ان يكون عالما بالغة والنحو
بمعنى
ان يكون عالما باللغة العربية والنحو .. ذلك ان اهم مدارك الاحكام الفقهية .. يتمثل فى نصوص كتاب الله
ونصوص سنة رسوله صلى الله عليه واله وسلم .. وهى نصوص بلسان عربى مبين .. فاذا لم يكون عالما بهذا وذاك
فلا يجوز له الاجتهاد .. لعدم قدرته على فهم هذه النصوص .. فضلا عن عدم عدم قدرت على استنباط
الاحكام الفقهية منها
ويتحقق العلم .. باللغة او النحو .. بالقدر الذى يفهم به مريد الاجتهاد .. خطاب العرب وعاداتهم فى الاستعمال
بحيث يميز بين ..((((( صريح الكلام وظاهره ومجمله .. وحقيقته ومجازه .. وعامه وخاصه .. ومحكمه ومتشابهه .. ومطلقه ومقيد .. ونصه وفحواه .. ولحنه ومفهومه)))))
الشرط التاسع .. أن يكون على معرفة بالناسخ والمنسوخ
الناسخ والمنسوخ .. اى من الكتاب والسنة فى ايات واحاديث مخصوصة .. وذلك حتى لا يقع فى الحكم بالمنسوخ المتروك .. اذ لو حدث هذا هذا لكان اجتهاده باطلا
ولكن
لا يشترط لتحقق المعرفة بالناسخ والمنسوخ .. من الكتاب والسنة .. ان يكون المجتهد حافظا لجميع الايات
والاحاديث المنسوخة .. والناسخ لها .. وانما يكفيه فى هذا .. ان كل واقعة .. يفتى فيها .. باجتهاده
باية و حديث .. ان يعلم ان هذا الحديث او تلك الاية .. ليست من جملة المنسوخ
ودمتم سالمين
أخوكم الأصغر منكم سنا تقريبا وعلما
وفقنى الله واياكم لنفع شبابنا و بناتنا
وتعميم الخير للأمة الاسلامية بأجمعها
